البن اليمني (شذرات الذهب) – من اليمن إلى أنحاء العالم

تعتبر اليمن تاريخياً إحدى الدول التي عرفت بإنتاج أجود أنواع البن العربي (Arabica)على مستوى العالم، والذي اشتهر فيه البن باسم‏ (Mocha) نسبة لميناء مدينة ( المخا) . ومنها انتقل وانتشر صيتها إلى أوروبا وأمريكا وبقية قارات العالم عن طريق الإمبراطورية العثمانية فعرفت بالقهوة التركية انتشاراً.

كما قيل قديمًا ”القبض على البُنِّ، يذهب الحُزن“.

هكذا بدأت حكاية اكتشاف البن (شذرات الذهب) عندما قبض الفقيه الصوفي الإمام علي بن عمر الشاذلي المُكنّى بـ ( صاحب المخا) على البن في اليمن في مدينة المخا بالتحديد في ليكون أول من يُعرّف أهل الأرض على البن في أوائل القرن التاسع.

و يُعتقد أن هذا المشروب كان يعين الإمام الشاذلي على السهر وينشّطه للصلاة وترتيل القرآن وتلاوة الأوراد الخاصة بطريقته.

ميناء المخا

يعتبر من أقدم الموانئ على مستوى شبه الجزيرة العربية، وكان الميناء هو السوق الرئيسية والوحيد لتصدير القهوة بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر

واستمدت مدينة المخا اليمنية صيتها وأهميتها العالمية حتى منتصف القرن التاسع العاشر بتصدير مينائها للبن اليمني الشهير الذي حمل اسمها الى كل انحاء العالم.

فانطلاقا من ميناء المخا، غزا البن اليمني العالم، ليصنع خلال القرون الثلاثة الأولى من التاريخ الحديث، الأهمية التي احتلها الميناء إذ كانت تمر جميع السفن التجارية الهندية البريطانية والهولندية والفرنسية بهذا الميناء محملة بالبهارات والقطن لتضيف أكياس البن إلى حمولتها حتى منتصف القرن التاسع عشر.

لكن مسار القهوة الحقيقي في سبيل انتشاره الى كافة العالم قد بدأ عند مروره بمكة والمدينة ومنها للقاهرة ودمشق في فترة متقاربة، ومن دمشق ومصر إلى إسطنبول ومن إسطنبول دخلت القهوة إلى أوروبا ومن أوروبا انتشرت القهوة لكل بلدان العالم.

وحسب مصادر تاريخية، فقد شُيّد ميناء المخا في عام 1692، ليكون سببا في تخليد مسيرة البن اليمني في الأسواق العالمية، من خلال القهوة اليمنية ( mocha caffe)، ويعتقدون أن البرتغاليين الذين غزوا الساحل الغربي من اليمن كانوا هم أول الأوروبيين الذين تذوقوا القهوة اليمنية، وذلك عندما استضافهم شيخ المخا ليقدم لهم “مشروبًا أسود ينعش الجسم ويريح البال“.

مزارع البن في اليمن

تتواجد مزارع البن في المنحدرات والمرتفعات ومناطق عدة في اليمن حيث تشغل المزارع مساحات واسعة تمتد من محافظة صعدة شمالا وحتى يافع جنوبا؛ في مناطق المرتفعات الوسطى والشمالية والجنوبية والجنوبية الشرقية على ارتفاعات تتراوح ما بين 1000متر إلى أكثر من 2000متر وبمعدلات أمطار موسمية تتراوح ما بين 1000ملم سنويا..

يمتلك البن اليمني خصائص فريدة تميزه عن غيره في مختلف بلدان العالم، وتعود أسباب تميزه لعدة عوامل: كالتركيب الوراثي للأصناف اليمنية والطبوغرافيا والمناخ وغيرها من العوامل التي جعلت اليمن يتحكم بإنتاج وتجارة البن لأكثر من ثلاثة قرون، فاليمنيون هم أول من استزرع محصول البن، وأول من حولّه إلى مشروب ساخن وأول من جعله سلعة اقتصادية قابلة للتبادل التجاري بين اليمن والعالم..